أطياف ماركس
- رقم التصنيف الدولي : 978-9933-509-59-0
- التصنيف: دراسات نقدية
- تأليف: جاك دريدا
- ترجمة: د. منذر عياشي
- سنة الاصدار: 2015
- القياس : 14.5×21.5
- عدد الصفحات : 280
الوصف
الكتابة اختبار، وإنها بوصفها كذلك، لتستطيع إعادة إنتاج نفسها وغيرها إلى ما لانهاية، وإنها إذ تفعل هذا تبتغي أن تقول ما لم يُفكر فيه، وأن تنتج ما يستحيل أن يقبض عليه غيرها. ولقد مارس «كارل ماركس» الكتابة ليجد نفسه فيها فكراً لما يقول، فاستولت عليه وصارت هي فكر ما يقول. وكان أن أحدث لمّا مارسها انقلاباً في علاقته مع العالم، فأخذ يراه لا من خلال ما يُخبر به العالم عن نفسه ولكن من خلال ما تصنع الكتابة فيه،. وإننا إذ نقرأ فقرة من كتاب «رأس المال» لنلمس هذا تحديداً. فالكتابة تستدعي ما لم يقل وما لم يفكر فيه لكي تتخذ من نفسها دلالة مضمونها شاهداً وحيداً لا يشاطرها في ذلك شيء غيرها. إن ماركس يقول: «إن التأمّل العلمي في أشكال الحياة البشرية وبالتالي التحليل العلمي لهذه الأشكال يختاران بصورة عامة طريقاً يناقض تطورها الفعلي. وإن قولاً كهذا لا يُعدّ فكرة إلا بمقدار ما تنتجه الكتابة وتصادق عليه حتى لكأن ماركس لم يقل كشفه هذا هو بالذات ولكنه قال الكتابة بوصفها اختباراً قالت هي فيه ذلك. وإن ماركس ليقول أيضاً: «إن كل صوفية عالم البضاعة وكل الغرابات والأشباح التي تضبب منتجات العمل في ظل سيادة الإنتاج البضعي، كل ذلك يزول في الحال ما أن تنتقل إلى أشكال أخرى للإنتاج»، وإن قولاً كهذا ليستدعي المستحيل لا لشيء إلا لأن الكتابة صنعت إنتاج الفكر وجعلته له ميسراً فلا صوفية عالم البضائع في الواقع قائمة عياناً، ولا الأشباح التي تضبب منتجات العمل ظاهرة ومرئية.
وإن الكتابة هي التي حيّزت كل ذلك وقبضت عليه وجعلته مرئياً، ولذا كانت كتابة ماركس على وجه العموم هي المكان التي تتكثف فيه اللامرئيات من المخلوقات فتتصلب، فتتماسك، وتصبح مرئية. وهي لأنها كانت على ذلك قادرة، فقد استجرت «الشبح» من غيبوبة العدم وجاءت بالطيف من وراء حجاب اللارؤية إلى مساحة المشاهدة وحضور المعاينة، وحققت لهذا المستحيل وجوداً يتجاوز العشور به إلى الملموس والمحسوس أدخلته في المتصور وفي ثقافة التعامل مع الأشياء.
وبهذا المعنى يمكن القول: لقد صيرت الكتابة ماركس ظاهرة نصيّة، فانداح في عالم الفلسفة حاملاً جنازة الصوت ومرتدياً سواد الحرف.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.