المتجر

وجيه العرب: عبدالله بن جدعان بين المحتد والمحفد

الوصف

إنّ العصر الجاهليّ لم يوصم بالجهل إلا فيما يختصّ بالدّين أمّا في الأدب فكان عصر نور وعِلم وعرفان، وكان يُرى أدبيّاً ‏من أرقى العصور، وكان يُتَأثّر بشعرائه وخطبائه وحكمائه. وكان أهله أهل ذكاء وحكمة وفطنة ودراية وخبرة، وما رُوي ‏لهم من الشِّعر يدلّ على صفاء نفوسهم، وصدق عواطفهم، وعظيم إحساسهم ومشاعرهم. وكان لهم من الذوق الرّفيع ما ‏أوصل آثارهم في مجال التّعبير والتّصوير إلى الدّرجة العليا من الدّقّة والعذوبة والجمال. وما أُثر عنهم من أخلاقٍ حميدة، ‏وأعمال فريدة، وأقوال حكيمة تدلّ على نوعٍ من الرقيّ المعنويّ في حيواتهم، وفي أنحاء مجتمعهم. وما اشتهر فيهم من ‏سؤددٍ، وعقلٍ سديدٍ، ورأيٍ صائبٍ، وبُعد نظرٍ، وحُسنٍ في السلوك والسّيرة، وإحسانٍ في المكارم والشرف. إلا أنّ ذلك لا ‏ينافي من وجود سلوكيّات أخرى في ميادين العقيدة والحياة تضعهم في مدارك الجهل، ومهاوي الانحراف. ومن هنا تأتي ‏وتتأتّى دارسة حياة رجل من مشاهير الجاهليّة، ومن عظماء قريش، ومن أكابر العرب ووجهائهم: عبدالله بن جُدعان الذي ‏ترك أثراً، في حياته، وبعد مماته، وخلّف آثاراً من الذِّكر الحسن، والسّمعة الطّيّبة، وترسّختْ في الذّاكرة العربيّة معالِم من ‏سيرته ومسيرته وحياته، نحاول أن نجمعها في هذا الكتاب علّنا نكمل صورة لم تكتمل سابقاً لأنّها مبثوثة في مصادر عدّة، ‏ومتفرّقة في مظانّ مختلفة تتطلّب جَمْعاً وتبياناً وإجلاء.‏
وبسيرة هذا العَلَم، وبأمثاله، كما يقول الإمام ابن الجوزي: إنّ التواريخ وذِكر السِّيَر راحة للقلب، وجلاء للهَمّ، وتنبيه للعقل ‏فإن شُرحتْ سيرة حازم تعلّمتَ حُسن التدبير، وإن قُصّت قصّة مفرّط تخوّفتَ من إهمال الحزم. وبالوقوف على أخبار مَن ‏تقدّم ممّا تشوّق النّفوس من الوقوف عليه، وتتشوّف بجملتها إليه. ومَن راجع التواريخ كان كمَن شاهد مَن مضى، وعاين ‏ما جرى به عليه القَدَر وقضى. والتّاريخ فنّ لا يملّه طرف مُطالِع ولا يسأمه سمع مصغٍ ولا مراجع، ولا يخلو مَن يقف ‏على التواريخ من فائدة، ولا يطوي صحفها إلا وقد حصل منها على صلة وعائدة.‏

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “وجيه العرب: عبدالله بن جدعان بين المحتد والمحفد”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *