المتجر

ماذا جرى للمتوحش الأبيض

الوصف

في منتصف القرن التاسع عشر، هُجر “نارسيس بيللوتي” وهو بحار فرنسي، على أحد شواطئ استراليا المجهولة على أنه قد لاقى مصرعه بشكل غامض وغادر طاقم سفينة سان” “بول” غير آبهين بمصيره ليمر بعدها ثمانية عشر عاماً وتعثر عليه سفينة “إنكليزية”.

عاش عارياً وتغطي الوشوم جسده، تعلم الصيد من مضيفه وفقد لغته الأم وهكذا بدأت أسطورة المتوحش الأبيض.

ماذا جرى خلال هذه السنوات الثماني عشر؟ وكيف أصبح متوحشاً؟ هذا اللغز الذي يحاول فك رموزه أوكتاف فالومبران جغرافي كريم استقبل “المتوحش الأبيض” في سيدني وحصل على موافقة القنصل الفرنسي ليعهد بذاك الشاب، فيدرس وضعه ويعيده إلى الحضارة. مهمةٌ مليئة بالغرائب في قرن من الزمن لم يكن يعرف بعد “علم الإناسة”. حيث هيمنت الأحكام العرقية المسبقة على الأفكار بالإضافة للنظرية الوضعية لأوغست كونت.

تأسرنا هذه الرواية بلغتها الرفيعة وصياغتها المميزة ويشدنا سرد هذه المغامرة الشيقة بترابط غاية بالمهارة والفطنة.

حقيقة، يضم العمل رؤيتين تتناوبان بشكل منطقي شيق، ليفسر الماضي الحاضر. فالرؤية الأولى تتناول حياة “نارسيس بيللوتي” في حضن قبيلة من المنطقة وتروي كيف أمضى بينهم ثمانية عشر عاماً يداعبه في البدء بل يعذبه الأمل برؤية قارب ما يشق العباب ثم يلفه النسيان رويداً رويداً ويغرق في حياة المتوحشين الذين علموه الصيد والحلاقة والرقص، غاب اسمه أيضاً مع النسيان ليصبح “أمغلو” وترعاه السيدة العجوز كأمه “واياك” الغلام الصغير صديقه فجهله بحياتهم جعله بنظرهم طفلاً.

أما الرؤية الثانية فنقرؤها عبر الرسائل الأربع عشرة التي كتبها “أوكتاف فالومبران” إلى رئيس الجمعية الجغرافية في باريس ليوضح التطور الذي تشهده مغامرته مع المتوحش الأبيض الذي غابت تقاليد حياته كبحارٍ مع أشرعة سفينته الغائبة، فيظهر لنا معاناته باسترجاعها بدءً بارتداء الثياب وتناول الطعام والتحدث بلغته الأم مروراً بعائلته التي تفتت بينه وبينهم روابط الدم فيقبل واقعه القديم كما يُقبل القدر، دون نقاش. بيد أنه أثر الصمت على الكلام حتى بعد أن استعاد قدرته على استخدام اللغة قائلاً: “الكلام يعني لي الموت”.

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “ماذا جرى للمتوحش الأبيض”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *