مواد صحفية

الماغوط: في ذكرى الرحيل

“دموعي زرقاء

من كثرة ما نظرت إلى السماء وبكيت

دموعي صفراء

من طول ما حلمت بالسنابل الذهبية

وبكيت

فليذهب القادة إلى الحروب

والعشاق إلى الغابات

والعلماء إلى المختبرات

أما أنا

فسأبحث عن مسبحة وكرسي عتيق

لأعود كما كنت

حاجباً قديماً على باب الحزن

ما دامت كل الكتب والدساتير والأديان

تؤكد أنني لن أموت

إلا جائعاً أو سجيناً”.

 

هكذا يُتم الرحيل اليوم عامه الحادي عشر على آخر إغماضة عين للشاعر السوري محمد الماغوط، ابن مدينة السلمية التي حملها مع اسمه إلى الخلود، بعد أن كتب بغصّة المكلوم والجائع والمحزون والمسجون، معادلة صعبة كان ناتجها ضحكة وسخرية أنقذته طوال 72 عاماً من الموت كمداً، وأنقذته مراراً من خيانة وطن أحبّه حتى العبادة، وهدّده مخاتلاً بهذه الخيانة التي لم تحصل أبداً.

في يوم رحيله لا يسع الأوفياء إلا النظر في سيرته كما وصف نفسه “نبي لا ينقصني إلا اللحية والعكّاز والصحراء”، بمذهب من لم يملك نهجاً لمجابهة الحياة إلا السخرية، ولأن الموت لا يعيد الصحب من بين يديه، لن نعرف إذا وفى الماغوط بوعده أو صدق خوفه: إنني أعدُّ ملفاً ضخماً عن العذاب البشري لأرفعه إلى الله فور توقيعه بشفاه الجياع وأهداب المنتظرين، ولكن يا أيها التعساء في كل مكان، جُلَّ ما أخشاه أن يكون الله أميّاً”…