هناك شاعر عربي كبير اسمه الطّغراني، يقول: “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل”..
لقد كنت دائماً أحلم كالأطفال الصغار.. وككل الذي لا يحلمون إلا بالحُب والحُرّية والسلام، استيقظت ذات يوم لأجدني أرتعد في زمن انقطاع الحلم وطغيان الضباب والعتمة والخوف، ثم يوماً بعد يوم بدأت الحياة تصبح كثوب قديم نحبّه، ولم يعد يتّسع لأحسادنا.. لكن نينوى بقيت رغم ذلك كله استمراراً لحلم لا أحبّ أن ينتهي.. مصالحة مع الذات، ودفاعاً مُستميتاً عن فسحة الأمل المُتبقّية لنا، لأطفالنا وللإنسانينة، وخيط ضوء يدفعنا لنكمل النفق المُظلم، أيدينا بإيديهم، نقلّل من وحشة الطريق إلى الشمس بالكلام، نروي لهم ولأنفسنا ما يمكن رويه، لنؤكّد ما قد يغيّر قناعة أو رؤية أو إعجاب، من قريب أو بعيد. ولنخبرهم أن ما يجمع الإنسانية أكثر بكثير مما يفرّقها؛ الحُب، الأمل، الحياة، عيون الأمهات، رائحة التراب بعد المطر، المطر، السماء والسؤال عن الحقيقة وفلسفة الذات، عن المعنى وحبل النجاة.. ولكي لا يضيع الوقت سدى، أردنا لنينوى أن تكون أرجوحة بين زمنين، زمن مضى وزمن قد لا يأتي… لأننا ورغم صفاء الروح، نعرف أن المنطق في الواقع يختلف، ويحتاج إلى كثير من الصبر وأكثر من العقل إلى جانب خوذة تقينا من ذوات تتصارع فوق زورق مثقوب في مياه آسنة، دون رادع… ولقناعتي بأن الأمل الذي لا ينضب، هو عماد الواقع الذي نتمنى أن يجعل من القراءة والكتاب أولوية وحاجة إنسانية تُعلي من شأن كل ما هو حضاري ومدني وقيمي ومعرفي وأخلاقي، لصناعة زورق نجاة يحمل على ظهره الحب والسلام فقط..
أيمن الغزالي
مدير عام ومؤسس دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع منذ 1999
كاتب وصحفي سوري من مواليد محافظة درعا عام 1965. تخرج من كلية الاقتصاد في جامعة دمشق عام 1988، وحصل على دبلوم من نفس الكلية في 1989. عمل كصحفي ورئيس تحرير في مجلة الوردة 2004، ومجلة موضة – أزياء 2006. أطلق مجلة جدل الثقافية عام 2010 وترأس تحريرها.
أعماله السابقة:
رواية الساعد الغربي – 2004
لذة القراءة في أدب الرواية (نقد أدبي) – 2005
أرض الشهوات (قصص) – 2019